الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.مطلب في غزوة الخندق وما سلط فيها على الأحزاب وهزيمتهم: وخلاصة هذه القصة قالوا إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم لما أمر بإجلاء بني النضير من ديارهم على أثر نقضهم العهد كما ستأتي قصتهم مفصلة أول سورة الحشر الآتية إن شاء اللّه، وإنما لم نذكرها في موقعها لأنها كانت قبل واقعة الأحزاب كما أشرنا إليه في الآية (7) لأن اللّه تعالى نوه بها في سورة الحشر لئلا يحصل التكرار الذي لا زلنا نتحاشاه، اتفق سلام بن الحقيق وحيي بن اخطب وكنانة بن الربيع وأبو عمّار الوائلي مع أبي سفيان من قريش وعيينة بن حصن الفزاري والحارث بن عرب المري عن غطفان ومسعر بن رفيلة عن أشجع وحزّبوا الأحزاب وغزوا المدينة في عشرة آلاف، وتوثقوا في هذه المعاهدة على أن يستأصلوا محمدا وأصحابه، فلما بلغ الخبر حضرة الرسول أشار إلى سلمان الفارسي يحفر الخندق حول المدينة للحصار فيها، فقبل رأيه وقسم كل أربعين ذراعا على عشرة رجال وطلب المهاجرون أن يكون سلمان معهم، والأنصار كذلك، ولما لم يكن من الطرفين قال صلّى اللّه عليه وسلم سلمان منا أهل البيت، فكان مع المهاجرين، لأن حضرة الرسول منهم، قال سلمان وبعد أن باشر كل يحفر سهمه ظهرت صخرة مروة صمّاء أعيتهم، فاستنجدوا برسول اللّه فأخذ معول سلمان وضربها ثلاث ضربات في كل ضربة يبرق منها بريق يضيء ما بين لابتي المدينة ويكبر النبي والمسلمون تكبير فتح حتى فتتها، فقال سلمان بأبي أنت وأمي يا رسول اللّه لقد رأيت شيئا ما رأيت مثله قط، فقال للقوم أرأيتم ما يقول سلمان، قالوا نعم، وقال سلمان إنه رأى في البرقة الأولى أن قصور الحيرة أضاءت له ومدائن كسرى، وفي الثانية قصور قيصر من أرض الروم، وفي الثالثة قصور صنعاء من اليمن، وقال صلّى اللّه عليه وسلم أخبرني جبريل أن أمتي ستظهر عليها الدول الثلاث المذكورة فاستبشر المسلمون وحمدوا اللّه تعالى، قال محمد بن اسحق لما فرغ من الخندق وصلت قريش وغطفان ومن تابعهم فنزلت بجنب أحد، وخرج رسول اللّه والمسلمون ونزلوا السلع وأمر بالنساء والزراري أن يرفعوا إلى الأطام، وذهب حيي بن اخطب إلى كعب بن أسعد القرظي وأفنعه بنقض العهد مع رسول اللّه على أنه وقريشا إذا لم يستأصلوا محمدا واتباعه أن يكون معه، فرضي وبلغ حضرة الرسول ذلك فأرسل سعد بن معاذ يستقصي خبر نقض العهد، فذهب فوجده كما سمع، فقال صلّى اللّه عليه وسلم اللّه أكبر ابشروا يا معشر المسلمين بالنصر والغلبة والظفر، ثم لما رأوا كثرة الأعداء وانضمام المعاهدين إليهم واحاطتهم بهم اشتد الخوف، إذ أن العدو تقرب منهم وحاصرهم من فوق ومن تحت كما ذكر اللّه ولولا الخندق لا قتحموهم، ولكن من كان اللّه وليه لا يتسلط عليه أحد.ثم نجم النفاق وجاهر به معقب بن بشير أخو بني عمرو بن عوف قائلا أن محمدا يعدنا بكسرى وقيصر واليمن وأحدنا لا يقدر أن يذهب إلى الغائط، يندد بما قاله سلمان رضي اللّه عنه آنفا من رؤيته في البريق وما تفضل به حضرة الرسول من أن أمته ستظهر عليهم.وقال اويس بن قبطي من بني حارثة أن بيوتنا عورة، فأنزل اللّه فيهما {وَإذْ يَقُولُ الْمُنافقُونَ} الآيتين المارتين، ودام الحصار بضعا وعشرين ليلة، وعظم البلاء على المسلمين واختلّت داخليتهم بالمنافقين الذين يلقون بالأراجيف بين الناس ويعظمون الأعداء ويقللون المؤمنين ويعرضون بوعد اللّه ورسوله، ولما رأى حضرة الرسول ذلك أراد أن يعطي ثلث عمارة المدينة إلى قائدي غطفان عيينة والحارث ويرجعا عن مؤازرة قريش إزالة لما رأى من ضجر المؤمنين وخوفهم واستبطائهم نصر اللّه وقد ذلوا من عدوهم وإذا ذل العرب ذل الإسلام كله، وقد خاف صلّى اللّه عليه وسلم من التفرقة الناشئة عن احساسهم بالضعف والاختلاف الذي يؤدي إلى التباغض والتحاسد والاستنثار، فاستشار سعد بن معاذ وسعد بن عبادة، فقالا له إذا كان اللّه أمرك بهذا فلابد منه، وإلا فقبل أن نتشرف بالإسلام ما كانوا يطمعون بشجرة واحدة فكيف بعد تشرفنا به واللّه ما نعطيهم إلا السيف حتى يحكم اللّه بيننا وهو خير الحاكمين، فقال صلّى اللّه عليه وسلم لا واللّه لما يأمرني اللّه وإنما وعدني النصر والظفر إلا أني رأيت العرب رمتكم عن قوسواحد وقد رأيتم ما فعل المنافقون، فأردت كسر شوكتهم، واجمعوا على مواصلة الحصار وعدم البحث فيما ذكره حضرة الرسول، ثم أن عمرو بن ود العامري وعكرمة بن أبي جهل وهبيرة بن وهب، ونوفل بن عبد اللّه ومرداس تلبسوا للقتال وهيجوا غيرهم وأرادوا اقتحام المدينة، فلما رأوا الخندق قالوا هذه مكيدة لم تعرفها العرب، وبعد أن تراشقوا بالنبل اقتحموا الخندق بخيولهم، فقام صلّى اللّه عليه وسلم ونفر من المسلمين وقال علي لعمرو انك كنت تعاهد اللّه أن لا يدعوك رجل إلى خصلتين إلا أخذت إحداهما، قال أجل، قال إني أدعوك إلى الإسلام، قال لا، قال أدعوك للنزال، قال يا ابن أخي لا أحب قتلك، فقال علي واللّه اني أحب قتلك، فقال إذا أنازلك، وعظم ذلك على المسلمين لما يعلمون من شدة بطش عدو اللّه عمرو وخوفهم على عليّ، فبرز له رضي اللّه عنه وقالوا خرج الإسلام كله إلى الكفر كله، فوفّق اللّه عليا وقتل عمرا ومعه رجلان قتلهما أيضا وهزم بقية أصحابه، وبقي جسد نوفل بن عبد اللّه بالخندق، فسأل قومه الرسول أن يبيعهم جثته، فسمح لهم بها مجانا في ساعة هم أحوج فيها لكل شيء، ولا جرم فهو معدن السماح وأصل الفضل، وجرح سعد بن معاذ وصار يقول والحربة في يده لا بأس بالموت إذا حان الأجل، وقال اللهم إن أبقيت شيئا من عرب قريش فأبقني أجاهد من آذى رسولك، وإلا فاجعلها لي شهادة، ولا تمتني حتى تقر عيني في قريظة، قال محمد بن اسحق كانت صفية بنت عبد المطلب في قارع حصن حسان بن ثابت وكان مع النساء والصبيان، قالت فمرّ بنا يهودي، فقلت يا حسان لعله يدل على عورتنا فدونك اقتله، قال لقد عرفت ما أنا لذلك، قالت فاعتمرت وأخذت عمودا فنزلت فقتلته، قالت فقلت يا حسان تعال فاسلبه لأنه رجل، قال مالي بسلبه حاجة، وذلك لشدة جبنه خشي أن يحيا أن يكون به رمق حياة فيقاومه، وما أشبه جبن حسان بجبن أبي دلامة إذ يقول:وقال آخر في غيره: ثم تظاهرت الأعداء في العداء واشتد الخوف وكثر الرعب والمنافقون يرجفون في الناس ويتسللون ورسول اللّه ينتظر وعد ربه عز وجل، فجاء نعيم بن مسعود ابن عامر من بني غطفان، وهذا غير نعيم المار ذكره في الآية 173 من سورة آل عمران المارة وقد حان الأجل المقدر لنصرة الرسول وإجابة طلبه وتنفيذ وعده فسخر نعيما المذكور بما ألقاه اللّه في قلبه ليقضي اللّه أمرا كان مفعولا، وقال يا رسول اللّه أسلمت وقومي لا يعلمون، فأمرني بما شئت، فقال صلّى اللّه عليه وسلم خذّل عنا إن استطعت فإن الحرب خدعة، فذهب إلى بني قريظة قال لهم تعرفون ودي لكم خاصة، قالوا لا نتهمك، قال ولكن اكتموا علي قولي، قالوا نعم، قال إن قريشا وغطفان الذين ظاهرتموهم على قتال محمد ليسوا كهيئتكم لأن البلد بلدكم فيه أموالكم ونساؤكم لا يمكنكم النحول منه إلى غيره، وإن قريشا وغطفان إن لم يصيبوا شيئا لحقوا ببلادهم وخلوا بينكم وبين هذا الرجل ولا طاقة لكم به، فالرأي أن لا تقاتلوا معهم حتى يعطوكم رهائن من أشرافهم على أن يقاتلوا معكم حتى تناجزوا محمدا، قالوا رأي نافع، ثم تركهم وذهب ليلته إلى قريش فقال لهم قد عرفتم ودي لكم وفراقي محمدا، وقد بلغني أمر رأيت أن أنصحكم به فاكتموا عليّ، قالوا نفعل، قال إن معشر يهود قريظة ندموا وأرسلوا إلى محمد بأنه هل يرضيك أن نأخذ رجالا من أشراف قريش وغطفان ونرسلهم لك، فتضرب أعناقهم ثم نكون معك على من بقي، فرضي منهم ذلك، فاجمعوا أمركم وانظروا ما ترون، فقد أعذر من أنذر، وقد أديت ما علي لكم، ثم تركهم وذهب إلى غطفان وقال لهم أنتم أهلي وعشيرتي وأحب الناس إلي، قالوا صدقت، قال فاكتموا علي، قالوا نفعل، فقال لهم ما قال لقريش وحذرهم أن يبعثوا رهائن إلى اليهود، فلما أيقنوا ما أرشدهم إليه نعيم ونصحهم به بعث أبو سفيان ورءوس غطفان إلى بني قريظة عكرمة بن أبي جهل في نفر من قريش وغطفان يقولون لهم إنا لسنا بدار إقامة، وقد هلك الخف والحافر، فاستعدوا للقتال حتى نتاجز محمدا، فارسلوا إليهم أن اليوم سبت لا يعمل فيه شيء على أنا لا نقاتل محمدا بعده حتى تعطونا رهائن من كبار رجالكم لأننا نخشى أن فرستكم الحرب تسيروا لبلادكم وتتركونا، فرجع الرسل وأخبروا قومهم، فقالوا كلهم إن ما أخبر به نعيم لحق، فأرسلوا خبرا لبني قريظة أنا لا نرسل لكم أحدا فإن كنتم تريدون القتال قاتلوا وإلا فانظروا ما ترون، فقال بنو قريظة بعضهم لبعض إن ما ذكره نعيم لصحيح وهو حق ونصح، وخذل اللّه بينهم بما ألهم نعيما، وأرسل عليهم ريحا شديدة، وكانت الليالي شاتية باردة جدا، فجعلت تكفأ القدور وتطرح الأواني، وأرسل اللّه عليهم جنودا من جنوده تقيم القاعد وتقعد القائم فاختل نظامهم وتفرقت آراءهم، وأوقع اللّه في قلوبهم الرعب والحيرة، ولما بلغ رسول اللّه ما فعل نعيم وما وقع بينهم من التخاذل وسوء ظن بعضهم ببعض أرسل حذيفة بن اليمان ليأتيه بخبرهم وقال له لا تحدثن شيئا حتى ترجع إلي ودعى له، قال حذيفة فأخذت سهمي وانطلقت، فإذا الريح وجنود اللّه التي لم تر تفعل بهم فعلا عجيبا.فلا تقر لهم قدرا ولا نارا ولا خباء، وإذا أبو سفيان قاعدا، ولولا وصية رسول اللّه لقتلته، وإذا هو قام فقال يا معشر قريش ليأخذ كل منكم بيد جليسه فلينظر من هو، فأخذت أنا بيد رجل، فقال لي من أنت قلت سبحان اللّه أما تعرفني؟ فسكت، فقال أبو سفيان يا قريش ما أصبحتم بدار إقامة وقد أخلفتنا بنو قريظة وهلك الخف والحافر وألقينا من هذه الريح ما ترون، فارتحلوا إني مرتحل، وقام وركب جمله وهو معقول فأطلق عقاله وهو راكب، فسمعت غطفان بما فعلت قريش ففعلت مثلها، وثاروا ثورة رجل واحد راجعين إلى بلادهم، فرجعت أبشّر رسول اللّه، فصار يضحك، وفشا خبرهم وأعز اللّه رسوله صلّى اللّه عليه وسلم وأخزى أعداءه. .مطلب لا يسمى ما وقع من حضرة الرسول وما في بعض آيات القرآن شعرا لفقد شروطه وقصة بني قريظة: روي البخاري ومسلم عن أنس قال: خرج رسول اللّه إلى الخندق، فإذا المهاجرون والأنصار يحقرون في غداة باردة ولم يكن لهم عبيد يعملون ذلك لهم، فلما رأى ما بهم من النصب والجوع قال:فقالوا مجيبين له بشوق ورغبة: قال البراء بن عازب كان النبي ينقل التراب معنا ويقول: هذا، وما وقع منه صلّى اللّه عليه وسلم من هذا ومن قوله في غير هذا الموضع: لا يسمى شعرا وإن كان على وزنه لأنه غير مقصود وهو من قسم الرجز الذي لا يسمى شعرا كما ألمعنا إليه في الآية 69 من سورة يس والآية 227 من سورة الشعراء ج 1، وكذلك لا يسمى ما جاء في القرآن الكريم من قوله تعالى: {وجفان كالجواب وقدور راسيات} وقوله: {وَمَنْ تَزَكَّى فَإنَّما يَتَزَكَّى لنَفْسه} وقوله: {وَمَنْ يَتَّق اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ منْ حَيْثُ لا يَحْتَسبُ} وقوله: {وَدانيَةً عَلَيْهمْ ظلالُها وَذُلّلَتْ قُطُوفُها تَذْليلًا} وغيره مما هو بيت كامل أو شطر بيت كقوله: {هَيْهاتَ هَيْهاتَ لما تُوعَدُونَ} وقوله: {الْحَمْدُ للَّه الَّذي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ} وقوله: {الْحَمْدُ للَّه الَّذي فَضَّلَنا عَلى كَثيرٍ} وقوله: {فَأَصْبَحُوا لا يُرى إلَّا مَساكنُهُمْ} وغير ذلك فلا يسمى شعرا للأسباب المبينة أعلاه وبما فيها، وإن زعموا ما زعموا.هذا ما فعله اللّه بالأحزاب وأقرّ به عين رسوله والأصحاب، وأخزى أعداءه، وانظر فعله بالذين والوهم في قوله تعالى: {وَأَنْزَلَ الَّذينَ ظاهَرُوهُمْ منْ أَهْل الْكتاب} وهم بنو قريظة الخائنون الناكثون العهد في حالة العسرة {منْ صَياصيهمْ} حصونهم ومعاقلهم {وَقَذَفَ في قُلُوبهمُ الرُّعْبَ} إذ تركهم حلفاؤهم وذهبوا، ثم بين اللّه لرسوله كيف يفعل بهم بقوله: {فَريقًا تَقْتُلُونَ} أي الرجال منهم {وَتَأْسرُونَ فَريقًا} (26) النساء والذراري، ثم أباح لهم جميع ما يملكون بقوله تعالى: {وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَديارَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَؤُها} وهي أراضي خيبر {وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلّ شَيْءٍ قَديرًا} (27) لا يعجزه الأحزاب ولا غيرهم.وخلاصة هذه القصة على ما ذكره الأخباريون أنه لما كان الظهر من صبيحة هزيمة الأحزاب في ذي القعدة سنة خمس، نادى منادي رسول اللّه أن لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة، روى البخاري ومسلم عن عائشة قالت: لما رجع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم من الخندق ووضع سلاحه واغتسل أتاه جبريل عليه السلام فقال قد وضعت السلاح، واللّه ما وضعته، أخرج إليهم، قال أين؟ قال هاهنا وأشار إلى بني قريظة.وروى البخاري عن أنس قال: كأني أنظر إلى الغبار ساطعا في زقاق بني غنم موكب جبريل حين ذهب ورسول اللّه إلى بني قريظة، وقيل جاء جبريل النبي صلّى اللّه عليه وسلم في بيت زوجته زينب بنت جحش وقال له قد وضعت السلاح؟ قال نعم، قال جبريل عفا اللّه عنك ما وضعت الملائكة السلاح منذ أربعين يوما إن اللّه يأمرك بالمسير إلى بني قريظة وأنا عامد إليهم، فأمر عليه الصلاة والسلام عليا كرم اللّه وجهه أن يتقدم بالراية حتى دنوا حصونهم، فقال رسول اللّه قد أخزاكم اللّه يا اخوان القردة وأنزل بكم نقمته، قالوا يا أبا القاسم ما كنت جهولا، وإنما قال لهم ذلك لأن عليّا كرم اللّه وجهه لما تقدم سمع منهم قولا خبيثا في حق الرسول، فأخبره، وقال له لا تدن من هؤلاء الخبثاء، فقال لعلك سمعت منهم لي أذى قال نعم، فقال ما قال، ثم قال لأصحابه الذين هم بالصورين اسم موقع هناك حين مرّ عليهم هل مرّ بكم أحد، قالوا رأينا دحية بن خليفة، فعرف أنه جبريل ونزل صلّى اللّه عليه وسلم على بئر من آبارهم وتلاحق بعض أصحابه وقت العشاء وصلوا العصر هناك اتباعا لأمره صلّى اللّه عليه وسلم ولم يعب من نأخر أو يعنفه، وحاصرهم وكان حي بن أخطب وفتى لرئيسهم كعب بن أسد ودخل معه الحصن إنقاذا لعهده المار ذكره في الآية 25 لقاء نقضه عهد رسول اللّه، وعرفوا أن الرسول لم ينصرف عنهم حتى يناجزهم، فقام فيهم كعب وقال يا معشر يهود هل تتبعون هذا الرجل فتؤمنون به وهو نبي مرسل تجدونه في كتابكم وتأمنون على أموالكم وأولادكم ونسائكم ودياركم؟ قالوا لا، قال تقبلون نسائكم ورجالكم وأولادكم يخرجون لقتاله غير تاركين وراءكم ما يهمكم؟ قالوا لا، قال هذه ليلة السبت فعسى أن يكون محمدا وأصحابه أمنوا فانزلوا لعلنا نصيبهم على غرة، قالوا لا تفسد سبتنا فيصيبنا المسخ، قال ما يأت أحد منكم ليلته حازما.
|